وصل عدد اللاجئين الأوكرانيين الواصلين الى ألمانيا أكثر من 50 ألف لاجئ، معظمهم من النساء والأطفال، مع دخول الغزو الروسي لأوكرانيا يومه الرابع عشر، وهو ما دفع السلطات الألمانية إلى زيادة الضغط لتجهيز أماكن للإيواء، مع إجراء بعض التغييرات للتمكن من استقبال الفارين من الحرب الأوكرانية.
وتُشير التوقعات الغير رسمية، بأن تستقبل ألمانيا ما يزيد عن مليون لاجئ أوكراني، وهو ما دفع السلطات الألمانية إلى اتخاذ إجراءات جديدة، شملت المساكن المؤقتة العائدة ملكيتها إلى البلديات التابعة للمقاطعات الألمانية والمخصصة بمعظمها للاجئين الجدد.
وأشارت مصادر حقوقية معنية بشؤون اللاجئين في ألمانيا، إلى أن السلطات الألمانية طلبت من بعض عائلات اللاجئين السوريين في أكثر من مقاطعة ألمانية، مغادرة المنازل الممنوحة لهم من قبل البلديات، إلى مساكن أخرى أصغر حجماً وأقل تخديماً.
وأضافت أن أسباب الطلب الألماني الأخير، الذي وُصف بأنه يأتي في إطار "التضييق الممنهج" على اللاجئين السوريين في البلاد، يعود إلى الإجراءات التي اتخذتها السلطات الألمانية، لاستقبال اللاجئين من أوكرانيا، حيث عمدت لإخلاء منازل اللاجئين السوريين لتخصيصها لآخرين من أوكرانيا.
فيما يرى لاجئون في ألمانيا، أن إطلاق وصف التضييق الممنهج، على إجراءات السلطات الألمانية، يحتوي على الكثير من الشطط والمغالاة، مؤكدين أن ما تقوم به السلطات، لا يتعدى كونه "إعادة توزيع" للاجئين، مشيرين إلى أن السلطات طالبت اللاجئين الذين مضى على وصولهم البلاد فترة طويلة نسبياً مغادرة المساكن المؤقتة إلى مساكن أخرى، تمهيداً لاستقبال الأوكرانيين.
وأردفوا أن السلطات الألمانية تستقبل جميع اللاجئين الجدد في مساكن جماعية، وذلك ريثما يتم منحهم الإقامة، وحينها يستطيعون تركها إلى مساكن عادية على يُدفع إيجارها، وشددوا على أن الإجراءات الجديدة ليست سياسة ألمانية عامة، وليست تمييزية، وأنها تهدف بالدرجة الأولى لتأمين أماكن لاستيعاب اللاجئين القادمين من أوكرانيا.
ولفتوا أن السلطات الألمانية اتبعت مع بداية أزمة اللجوء السوري، الإجراءات ذاتها مع اللاجئين الأجانب على أراضيها، حيث وفرت للسوريين مساكن واسعة تتناسب مع أعدادهم، مقارنةً باللاجئين القدامى المتواجدين على أراضيها.
وشددوا على أن النسبة الأكبر من اللاجئين السوريين الذين طُلب منهم مغادرة المنازل التي يقطنونها، يُصنفون من فئة الشبان غير المتزوجين، أو العائلات الصغيرة التي لايتجاوز عدد أفرادها 3 أشخاص، موضحين أن غالبية اللاجئين الأوكرانيين هم من النساء والأطفال وكبار السن، بسبب منع شريحة الرجال من مغادرة أوكرانيا، وهؤلاء يتوجب على ألمانيا تأمين مساكن تستوعب أعدادهم.
ويقول محمد وهو لاجئ سوري في ألمانيا منذ 5 سنوات، إن الإجراءات الألمانية الأخيرة ترافقت، مع حملات عنصرية شهدتها العديد من دول أوروبا، واستهدفت اللاجئين من منطقة الشرق الأوسط، حيث أكد أن الخطاب الرسمي للأحزاب المتطرفة حول كون الأوكرانيين يتشابهون مع الأوروبيين في الشكل ونمط الحياة، ساهم في تفشي العنصرية من جديد، واعتبار اللاجئين الأوكران أعلى منزلةً من أولئك القادمين من دول العالم الثالث.
واتهم محمد خلال حديثة لـ"وكالة المجس" الإجراءات الجديدة التي خلقت نوعاً من التضييق استهدف بالدرجة الأولى اللاجئين السوريين في ألمانيا، أنه يأتي في إطار "الممارسات العنصرية"، والتمييز بين البشر بحسب الجنسية واللون، مشيراً إلى أن ألمانيا كغيرها من الدول الأوروبية تمتلك أحزاب معادية للاجئين، موضحاً أن الخطاب العنصري بدأ يتفشى حتى في مؤسسات السلطة.
فيما قلل الدكتور رائد وهو أيضاً لاجئ سوري في ألمانيا منذ 5 سنوات، من احتمالات أن تكون الإجراءات الأخيرة تحمل في طياتها نوعاً من العنصرية، وأكد أن الجهة التي هجرت الأوكرانيين هي الجهة ذاتها التي هجرت السوريين، وأوضح أن التعاطف الألماني مع اللاجئين الأوكرانيين، سبق وأن قُدم للاجئين السوريين الذين توافدوا على البلاد، مُذكراً بالدعم الذي قُدم سابقاً ولازال يقدم حتى اللحظة للسوريين الوافدين إلى ألمانيا.
ومنذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا، شهدت دول الاتحاد الأوروبي موجة ضخمة من اللاجئين الأوكرانيين جلُهم من النساء والأطفال وكبار السن، وذلك هرباً من المعارك الدائرة والقصف الروسي المستمر على منازل المدنيين في أوكرانيا، واتخذت الدول الأوروبية منذ بدء موجة اللجوء الأوكراني عدداً من الإجراءات لتسهيل إقامة الأوكرانيين في بلدان الاتحاد.
وسمحت دول الاتحاد الأوروبي للأوكرانيين باختيار أي دولة للإقامة فيها، ومنحتهم مدة 3 شهور لاختيار الدولة قبل أن يتم تسجيلهم فيها، فضلاً عن إعطائهم الحق بالإقامة فيها مدة 3 سنوات منذ تاريخ تسجيلهم بداخلها.